حجم الكارثة والفاجعة فاق كل توقعات الساعات الأولى وأصبح واضحاً أن الأمر بات يتطلّب مساعدات عاجلة وبكميات كبيرة، فالألاف من الناس يعيشون في العراء ومراكز الإيواء في المدن التركية المنكوبة، الآلاف من الاسر قد افترشت الشوارع ومنها من قضى يومه في المساجد والحدائق والسيارات حرصاً على عدم خوفاً على عائلاتهم وأحبتهم، و آخرون استطاعوا تأمين مأوى ضمن أحد مراكز الايواء التي تم إنشاؤها من قبل الحكومة التركية.
سارعت كوادر وطن في مدينة غازي عنتاب التركية منذ الساعات الأولى التي أعقبت الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، بالإستجابة العاجلة للاحتياجات الإنسانية وخاصة الغذائية التي تعتبر ضرورة ملحة وحاجة ماسّة في ظل الظروف المناخية القاسية خلال هذا الشتاء والإغلاق الكامل لجميع المخابز والمحال التجارية، وذلك من خلال توزيع السلل الغذائية الجاهزة للأكل للعوائل الهاربة من منازلها إلى مراكز الإيواء في مدينة “غازي عنتاب”، وذلك بدعم وتبرّع سخيٍّ من قبل المتبرعين الدائمين الواثقين بقدرة المنظومة على إيصال المساعدات إلى محتاجيها بالسرعة والجودة المطلوبة، كما تمّ توزيع سلل غذائية جاهزة للأكل لعمّال الإنقاذ الذين وصلوا الليل بالنهار لعدة أيام من أجل إنقاذ الأرواح العالقية تحت الأنقاض، إضافة الى ذلك تم توزيع السلل الغذائية الجاهزة للاكل في المساجد والحدائق التي تجمع العوائل المتضررة من الزلزال بدعم من جمعيات (التميز الإنساني الكويتية – التنمية الخيرية) وذلك لضمان المساهمة في سد إحتياج الغذاء، كما أطلقت وطن مع بدء الكارثة في السادس من شباط حملة لجمع التبرعات عبر موقعها الرسمي و منصات التواصل الاجتماعي تهدف الى تقديم الدعم العاجل في كافة الخدمات الأساسية كالمسكن الامن والدفء والغذاء للعوائل المتضررة ضمن مناطق الشمال السوري وتركيا.
كانت بدايات برنامج الأمن الغذائي وسبل العيش في منظومة وطن في عام 2012 بمشروع توزيع 3800 سلة غذائية في حمص وحماة وحلب وريف دمشق ودير الزور لمساعدة 22400 مستفيد، وبفضل التنفيذ الناجح والاحتياجات العاجلة، عملت “وطن” في العام نفسه على دعم المخابز وتوفير 210 طن من الدقيق في دير الزور بالتعاون مع منظمة رحمة الدولية، وقد وسعت وطن نطاق تركيز البرنامج ليشمل نتائج أكثر استدامة على المدى الطويل، من زراعة المحاصيل الإستراتيجية، وأدوات الزراعة والخدمات الزراعية لدعم الثروة الحيوانية من خلال مشاريع ضخمة نفذتها خلال الأعوام الماضية وبلغ عدد المستفيدين من برنامج الأمن الغذائي وسبل العيش حتى عام 2023 إلى أكثر من مليون وثلاثمائة وأربعة وستون ألف مستفيد مباشر.
يركز برنامج الأمن الغذائي وسبل العيش ليس فقط على الإستجابة الطارئة بل إن أساس عمله يركز على المشرايع التي تهدف لكسر حلقة الفقر وتلبية الاحتياجات الغذائية. و تنفيذ المشاريع لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية, كما يهدف إلى المساعدة في تأمين الموارد اللازمة لتوليد الدخل، فضلاً عن توفير سبل العيش المستدامة للأجيال الحالية والمقبلة وتعزيز رفاهها من خلال تحسين ظروف حياة الفئات الأكثر ضعفاً، وتعزيز الاستخدام المستدام للموارد المتاحة، بما في ذلك التقاسم العادل وتقاسم المنافع الناشئة عن المشاريع المنفذة والتركيز على الأشخاص غير القادرين على انتاج ما يكفي من الغذاء والدخل، أو من ليس لديهم الوسائل اللازمة للحصول على الحد الأدنى من متطلبات الأسرة لحياة نشطة وصحية
تهدف “وطن” إلى تطوير إنجازات برنامجها نحو الأنشطة التي تنطوي على زيادة مستويات المهارات وتمكين المجتمعات المحلية من اكتساب مهارات متنوعة لتحقيق المزيد من الاستدامة، وتتطلع إلى توسيع دورها في تقديم المساعدة للشركات الصغيرة والشراكات التجارية، فضلاً عن تقديم المنح الصغيرة، والتدريب الداخلي وتقديم المنح الماالية المرتبطة بالتدريبات المهنية بالإضافة إلى توسيع قدرتها في مجال الزراعة والثروة الحيوانية من خلال التوسع في نطاقها وعدد المستفيدين.