من مخلفات الحرب… إلى دفء البيت: حكايات العودة من تحت الركام – WATAN

من مخلفات الحرب... إلى دفء البيت: حكايات العودة من تحت الركام

في ركنٍ من ركام الحرب، حيث كانت الجدران شاهدة على النزوح، والخوف، والغياب… ولدت حكاية مختلفة. لم تكن عن معركة أو دمار جديد، بل عن عودة. عن جدران تعود لتحتضن أهلها، ونوافذ تفتح من جديد على أمل لا يموت.

نفّذت وطن مؤخرًا مشروعًا نوعيًا أعاد ترميم 400 منزل في شمال غرب سوريا، في خطوة غير مسبوقة استهدفت العائلات التي عادت إلى مدنها بعد سنوات من النزوح والشتات. المشروع امتد بين إدلب، معرة النعمان، وتلمنس، مدن لم تكن فقط مدمّرة عمرانيًا، بل نفسيًا أيضًا. لكن الوطن لا يُبنى بالإسمنت فقط… بل بالكرامة والاحتواء.

ما جرى لم يكن مجرّد ترميم. فرق وطن بدأت أولًا بمسح ميداني دقيق، تنقّلت بين البيوت المهدّمة، بحثًا عن العائلات الأشد ضعفًا، ممن لا قدرة لهم على البدء من جديد. وبحسب حالة كل منزل، قُدّمت المساعدة بأحد نمطين: إمّا بالدفع النقدي للعائلة لترميم بيتها، أو من خلال الترميم عبر مقاولين محليين. الطريقة كانت مرنة، لكن الهدف واحد: أن يعود البيت بيتًا، وأن يشعر العائد بأنه لم يُترك وحده في وجه الرماد.

وقد غيّر هذا المشروع المشهد في مدن كـ”المعرة” و”تلمنس”، اللتين كانتا شبه فارغتين. بمجرد أن بدأت أبواب المنازل تُفتح، بدأت الحياة تعود، شيئًا فشيئًا. وما إن تدخّلت وطن، حتى لحقت بها منظمات أخرى بدأت تتحرك وتفكّر في إعادة بناء ما تهدّم. لقد فتحت وطن الباب، حرفيًا، أمام الناس… وأمام الأمل.

وربما كانت قصة “زبيدة السماعيل” في معرة النعمان، أصدق ما يمكن أن يروى. سيدة تعيش في منزل متهالك مع طفلين، أحدهما مصاب بالشلل، والآخر يحمل شظية في جسده منذ سنوات. كانت الحياة هناك بلا أبواب، بلا مطبخ، بلا ماء، بلا أمان. وحين جاء دورها ضمن قائمة المستفيدين، تغيّر كل شيء. تم تركيب الأبواب والنوافذ، تم تمديد شبكات المياه، وتحول المنزل من كهف موحش إلى مساحة يمكن أن تُسمى “بيتًا”. الزغاريد التي أطلقتها زبيدة لم تكن فقط فرحًا… بل تحررًا من قيد طويل اسمه “النزوح”.

هذا المشروع لم يرمم حجارة فقط، بل رمم حياة. أعاد للأطفال شعورهم بالأمان، وللأمهات كرامتهن، وللرجال أملهم بقدرة النهوض من جديد.

في الشمال السوري، حيث تركت الحرب ندوبًا عميقة، كانت يد وطن أول من امتدت لتربت على كتف التعب… ولتقول للعائدين: أنتم لستم وحدكم.